نتنياهو أصبح يشكل مشكلة كبيرة للإدارة الأمريكية؟
هاجم الكاتب الأمريكي المخضرم توماس فريدمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقاله في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
هاجم الكاتب الأمريكي المخضرم توماس فريدمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقاله في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وتساءل فريدمان في مقاله: ما الذي حدث في العلاقة بين نتنياهو والولايات المتحدة لدرجة دفعت رئيس مجلس الشيوخ للمطالبة باستبداله؟ ولماذا أصبح نتنياهو يمثل مشكلة كبيرة للإدارة الأمريكية جيوسياسياً وسياسياً؟
وأجاب فريدمان بأن السياسة الأمريكية شهدت تحولاً عميقاً في الشرق الأوسط، كشفه هجوم السابع من أكتوبر، وهذا التحول مبني على حل الدولتين والشراكة مع السلطة الفلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو.
وقال فريدمان إن هناك ستة أسباب تدفع إدارة بايدن ومصالح إسرائيل بعيدة المدى للتواصل مع شريك فلسطيني يؤدي رؤية حل الدولتين:
السبب الأول: العدد الكبير من القتلى المدنيين في غزة، جراء الهجمات الإسرائيلية الواسعة والغاضبة على القطاع، ورغم ارتفاع مستويات الكراهية بين الطرفين فإن الرغبة التي أعربت عنها إسرائيل في سلام مع الفلسطينيين غير الخاضعين لحماس، تعطي بعض الأمل لجميع الأطراف بأنه لن تكون هناك جولة جديدة من سفك الدماء.
السبب الثاني: أول حرب إسرائيلية فلسطينية كبيرة تدور في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصةً التيك توك، والفيضان الكبير من الفيديوهات التي تبرز المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، ولمواجهة هذا التسونامي كانت إسرائيل بحاجة إلى رسالة واضحة للالتزام بعملية السلام بعد الحرب والتوجه نحو حل الدولتين، ولعدم وجود ذلك هي مهددة بفقدان الدعم من جيل كامل من الشباب الأمريكي والعالمي.
السبب الثالث: هذه ليست حرباً انتقامية مثل المرات السابقة، بل تهدف لتدمير حماس بشكل كامل، لذلك كانت إسرائيل بحاجة إلى تصور بديل لكيفية الحكم في غزة بشكل شرعي، من خلال فلسطينيين غير خاضعين لحركة حماس منذ البداية، لكن لن يتقدم أحد من الفلسطينيين لتلك المهمة دون حل الدولتين.
السبب الرابع: هدف حماس من هجوم السابع من أكتوبر كان منع إسرائيل من توقيع المزيد من اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، وتحديداً عملية التطبيع الناشئة مع السعودية، لذلك كان على إسرائيل تصميم رد يحافظ على العلاقات الحيوية الجديدة، ولن يكون ذلك ممكناً إلا بمحاربة حماس في غزة بيد والسعي إلى إقامة دولتين باليد الأخرى.
السبب الخامس: البعد الإقليمي لهذه الحرب، وتعدد الجبهات التي تقاتل فيها إسرائيل، حيث وجدت نفسها تقاتل وكلاء إيران في لبنان والعراق وسوريا واليمن، والطريقة الوحيدة لمواجهة ذلك هي إنشاء تحالف إقليمي، والأساس الضروري بهذا التحالف هو سعي إسرائيل لعملية سلام مع الفلسطينيين، وبدون هذا الأساس ستواجه استراتيجية بايدن الكبرى في بناء تحالف ضد إيران وروسيا (والصين)، يمتد من الهند عبر شبه الجزيرة العربية، عبر شمال إفريقيا وحتى الاتحاد الأوروبي/حلف شمال الأطلسي، ستواجه وضعاً حرجاً، فلا أحد يرغب في الانضمام لحماية إسرائيل التي يهيمن على حكومتها متطرفون يريدون احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل دائم.
السبب السادس: أوضح لي العالم السياسي غوتام موكوندا، مؤلف كتاب "اختيار الرؤساء" هذه النقطة الأخيرة والجيدة: "إن صعود اليسار التقدمي وتحالف نتنياهو الضمني مع ترامب أدى إلى إضعاف الدعم لإسرائيل بين الديمقراطيين، فإذا خاضت إسرائيل حرباً في غزة أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين، لكنها لم تقدم أي أمل سياسي في مستقبل أفضل لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنها بمرور الوقت تحجب ذكريات الناس عن أهوال السابع من أكتوبر، ودعمهم لإسرائيل في أعقابها، وهذا يجعل من الصعب بشكل متزايد حتى على الشخصيات الأمريكية الأكثر تأييداً لإسرائيل الاستمرار في دعم الحرب في مواجهة التكاليف الدولية والمحلية الهائلة.
وتابع فريدمان "لكل هذه الأسباب، ولا أستطيع أن أقول ذلك بصوت عالٍ بما فيه الكفاية، فإن لإسرائيل مصلحةً قصوى في السعي إلى تحقيق أفق الدولتين، ولا أعرف ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قادرةً على توحيد جهودها لتكوّن الحكومة التي يحتاجها الفلسطينيون والإسرائيليون، أعرف فقط أن الجميع الآن لديه اهتمام كبير بمحاولة تحقيق ذلك".
وأردف "ومن خلال وضع ذلك في متناول اليد، يمكن لبايدن أن يضع إطاراً للاختيار في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة: "خطة بايدن مقابل عدم وجود خطة لدى بيبي"، بدلاً من مواجهة شخصية بين بايدن ونتنياهو".
واختتم فريدمان مقاله بدعوة "نتنياهو ليختار بين أن يتذكره الناس كرئيس الوزراء الذي كان يقود الحكومة الإسرائيلية يوم السابع من أكتوبر، أو رئيس الوزراء الذي فتح الطريق إلى السعودية".