سلاماً أيها الوطن المباح
الشاعر والكاتب السوري "الدكتور عبدالحق الهواس" يكتب قصيدته التي تحمل في طياتها مزيج من الألم والمعاناة للوطن والأهل،كما وصف الهواس الوطن بالأرض المستباحة، وأخذ شعرهُ يكتب عن الفلاح ومحراثه في أرضه، وصاحب القلم وما ينشد به، كذلك لأطفال الحجارة وللثكالى وحتى الليل ونسيمه، وكله في ذلك الوطن المستباح.
سلاماً أيُّها الوطنُ المباحُ ====== سلاماً كلّمَا طلع الصباحُ
وأذَّن مسجدٌ وهفتْ قلوبٌ ====== وردَّدَ سامعٌ وعلا الفلاحُ
ونوَّر طالعٌ وسرى نسيمٌ ====== ولوَّح راحلٌ وشأى الرواحُ
وصفَّق طائرٌ وصفت سماءٌ ===== وغرَّد بلبلٌ وسما جناحُ
ورنَّم شاعر وشذا عبيرٌ ===== وعبَّ متيّمٌ وشذا المراحُ
وعطّر فجرنا غيمٌ بليلٌ ===== مُنثٌ والربى سحرٌ وراحُ
سلاماً حين تحضن سابحاتٌ ===== سماك وحين تنشقك السناحُ
وحين ينير أو يغفو قميرٌ ====== وتغزل عشقها الغيدُ الملاحُ
فتشدو في هواك مردداتٍ ====== يزين جيدها العلمُ الوشاحُ
سلاماً حين تذبحني وتقسو ====== عليَّ وحين يغلبني السماحُ
لأرضك حين يغزوها يبابٌ ===== وتصفر في صحاريها الرياحُ
لفلاحٍ بمحراثٍ قديم ===== تجذّر صارخاً لا تستباحُ
لنجمك بازغاتٍ آفلاتٍ ====== تهدهدها المفاوز والبطاحُ
لأقلامٍ إذا خطت فآيٌ ====== أو امتشقت فنارٌ أو رماحُ
لناي إن تهادى في رباها ====== وناجته الصبا هبوا وصاحوا
لزيتون الحقول وبرتقالٍ ====== تضوّع منهما هذا الفواحُ
لليمونٍ تسربله دمانا ====== وتعصره السحاباتُ الطِفاحُ
لأطفالٍ حجارتهم سهامٌ ====== تصوّبُ والمدى شدٌّ وساحُ
لثكلى زغردت لما تنادوا ====== سلاماً أيّها الموت المتاحُ
لأهلي لفَّهم في الليل دربٌ ===== تغيبهم سراباتٌ فساحوا
وتشربهم مدائن كاسَ مُرٍّ ==== وتجرعهم مداراتٌ فِساحُ
لعين تاهت الأحلام فيها ==== وصوَّح جفنها الماءُ القراحُ
سلاماً حين تُذبح محصناتٌ ==== وتعلنُ عهرها ديناً سجاحُ
لوجهك ذابلات الورد خجلى ===== يساقيها العساكر والقداحُ
فتجثو عند عزمك حافياتٍ ====== جنودُ القمعِ ينجبها السفاحُ
ونخبك من دمي معصورُ قهرٍ ==== يقهقهه المصفَّدُ والنواحُ
سلاماً حين يعصرنا أنينٌ ====== وضجتْ تدفعُ الألمَ الجراحُ
وماجت طافحاتٍ من أسانا ====== وشد حزامه الجسدُ السلاحُ
لطفلٍ عقدة الحكام منه ====== ويفضح ما يضمُّ وما يباحُ
لقبلتك التي أدمت قلوباً ===== عقدنا العزم أن يحيا الكفاحُ
الدكتور: عبدالحق الهواس