اليوم ذكرى حرب تشرين التحريكية "الهزيمة المنكرة"، والسر الذي لا يعرفه سوى الطيارين السوريين

اليوم ذكرى حرب تشرين التحريكية...الهزيمة المنكرة...صفقة كيسنجر مع المقبورين حافظ وأنور وكولد مائير...الحرب التي فتحت باب الاتفاقيات الخيانية وذبحت الثورة الفلسطينية.

اليوم ذكرى حرب تشرين التحريكية "الهزيمة المنكرة"، والسر الذي لا يعرفه سوى الطيارين السوريين
ذكرى حرب تشرين (انترنت)

أ.د.عبدالحق حمادي الهواس.

اليوم ذكرى حرب تشرين التحريكية...الهزيمة المنكرة...صفقة كيسنجر مع المقبورين حافظ وأنور وكولد مائير...الحرب التي فتحت باب الاتفاقيات الخيانية وذبحت الثورة الفلسطينية.

كانت حرب تشرين كارثة على الأمة العربية وقد مثلت الخط الخياني في أسوأ صوره، حين كرست أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وفتحت الباب على مصراعيه للحلول الخيانية الاستسلامية.

وحيث إن حرب تشرين التحريكية منطلق للأنظمة الخيانية للكشف عن وجهها القبيح في تنفيذ إرادة الصهاينة في الاعتراف به وسحق الثورة الفلسطينية، وبيع القضية الفلسطينية في سوق النخاسة الدولي، وحصر النزاع العربي الصهيوني بالأراضي العربية المحتلة، وقد تباهى "كيسنجر" بالاتفاق الصهيوني مع النظام المتوحش وفك الارتباط، وأنه حقق أمن إسرائيل في أفضل صورة.

 

سر لا يعرفه سوى الطيارين السوريين:

في حرب تشرين التحريكية تولى طراد سوفيتي وكان يختبئ خلف باخرة يونانية راسية في ميناء اللاذقية لتصدي للقوارب الصهيونية المهاجمة على خط العرض 33، وكان الطيارون الروس يتولون حماية سد الفرات في الطبقة، وكان الفنيون الروس في مطار رسم العبود (كويرس) يتلقون الطائرات القادمة من كييف الحاملة لطائرات مقاتلة وذخيرة فيجمعون الطائرات في الصيانة ويسلمونها للطيارين السوريين. وكان هذا ضمن اتفاق لا غالب ولا مغلوب، وكل طرف يرى نفسه منتصرا تمهيدا للمحادثات الخيانية.

 

حرب تشرين:

قبل أن تُعلن الحرب عرفنا بها فقد تغير كل شيء استعدادا لها، وكان العدو يراقب بدقة لكنه كعادته رأى أن السوريين كل عام يحتلون قاعدة هجوم ثم يخلونها قبل موسم الأمطار.

لم تطلع "كولد مائير" قيادة جيشها على الاتفاق مع كيسنجر ولم يكن محدداً بتوقيت، فكان اختيار يوم الغفران اختياراً موفقاً، ثم جاء توقيت الواحدة والنصف ظهراً مؤازرا له وهو اتفاق بين القيادتين السورية والمصرية من أجل استدارة الشمس.

بدأت المعركة بقيام أسراب من طائرات سوخوي 20 و7 وميغ 23 بقصف مكثف على جبال وتلال وهضاب الجولان، تزامنا مع رمايات المدفعية التمهيدية، ثم اندفع الدرع نحو خط آلون.

وفي الجبهة المصرية، قصفت الطائرات المصرية أعشاش صواريخ هوك الصهيونية وتجمعات القوات ومرابض المدفعية، وصبت مدفعية الميدان وكافة الأسلحة وابلاً من النيران، وقام المقدم طيار "أحمد حمدي" بقصف مقر القيادة الصهيونية بسيناء فدمرها واستشهد خلالها رحمه الله.

 كان على القوات المصرية أن تتلافى عدة معضلات منها فوهات النبالم داخل القناة، والساتر الرملي على خط بارليف، وتمكنت الضفادع البشرية المصرية من إغلاق فوهات النبالم وتعطيلها كما تمكنت القوات المصرية من العبور بنجاح منقطع النظير ومعالجة الساتر بالماء، سيطرت القوات المصرية على خط بارليف، وبدأت عمليات تطهير واسعة وتثبيت للقوات المصرية استعدادا للمرحلة الثانية.

وعلى الجبهة السورية تمكنت القوات السورية من اجتياز خط آلون وتحقيق إنزال ناجح على جبل الشيخ واستعادته من العدو.

وهنا بدأ الهجوم السوري البري بقصف عنيف اشترك به 1000مدفع لمدة ساعة، اندفعت على إثرها ستة ألوية مشاة وكتيبتان مغاوير، وكتيبة من جيش التحرير الفلسطيني وكتيبة من القوات المغربية، اضطلعت بمهمة تأمين وتحرير مرصد جبل الشيخ وصدت هجوما صهيونياً على سفوحه وقتلت ثلاثين عنصرا منه، وكذلك اشتركت كتائب من الوحدات الخاصة في الهجوم وكانت هذه القوات جميعها ضمن تشكيلات ثلاث فرق هي الخامسة، والسابعة، والتاسعة.

حيث نجحت القوات السورية في اجتياز خط آلون ونصبت عدة جسور متحركة وعبرت بنجاح نحو مواقع العدو ووصلت لمسافة 20كم في القطاع الجنوبي، فأصبحت على مشارف بحيرة طبريا بعد أن التحمت مع العدو على تمام الساعة العاشرة ليلاً في معركة دبابات وصفت بأنها من أعنف المعارك وأشرسها انتهت بتكبيد العدو 50 دبابة في مقابل 30 دبابة للقوات السورية.

 في حينها تمكنت القوات المصرية من السيطرة على خط بارليف واندفعت بعمق "خمسة عشر" كم وهي المسافة التي تمنحها إمكانية الحماية من قبل صواريخ سام إلى حين نقل قواعدها، وقد أخفق الكيان الصهيوني في تدمير قواعد صواريخ سام وتكبد خسائر فادحة.

 وعلى الجبهة السورية واجهت قواته اشتباكات جوية تألق بها الطيارون السوريون وكبدت العدو خسائر كبيرة حتى اضطرت سوريا إلى إنقاص عدد الطائرات الصهيونية التي سقطت في يوم واحد حتى لاتتهم بالمبالغة وتفقد مصداقيتها.

 

القوات السورية والمشكلات التي واجهتها:

بدأت القوات السورية تواجه مشكلات معقدة وتتلقى ضربات موجعة من خلال عدة هجومات قام بها العدو خسرت بها القوات السورية مئات الدبابات، ووقع فيها اللواء المدرع 43 في كمين صهيوني.

وفي يوم 8 تشرين قام العدو بهجوم على القوات المصرية تم صده بنجاح وتدمير اللواء وأسر قائده "ياغور عساف ".

كما عمدت القوات السورية إلى زج الفرقة الأولى بعد الصعوبات التي واجهت عمل الفرق الثلاث، ووضعت خطة لتحرير تل الفرس وإسكات مدفعية العدو المتمركزة عليه، فقامت الكتيبة 114 من قوات حطين بجيش التحرير الفلسطيني بعملية إنزال فجوبهت برد عنيف ومقاومة شرسة من العدو استبسل فيها المقاتلون الفلسطينيون فأجهزوا على المقاومة الصهيونية وسيطروا بالكامل على تل الفرس.

وقام العدو بنقل ثلاث فرق مدرعة هي فرقة إيتان 36 دبابات إلى القطاع الشمالي، وفرقة لا نر 210 دبابات إلى القطاع الأوسط، وفرقة بيلد 146 دبابات إلى القطاع الجنوبي، وقد تمكنت الفرقة الأولى من الوصول إلى كفر نفاخ مما اضطر القائد الصهيوني روفائيل إيتان إلى نقل مقر فرقته 36 دبابات إلى القطاع الأوسط.

لكن الفرقة الأولى جوبهت بمقاومة عنيفة وكانت المفاجأة في نشر صواريخ "م/د " ولم تكن القوات السورية تعرف عنها شيئا مما أوقع خسائر فادحة في الدبابات اضطرت الفرقة الأولى على الانسحاب إلى السنديانة واتخاذ وضع الدفاع.

 لقد اتسم عمل الفرقة الخامسة بمحاولات حثيثة على تنفيذ مهمتها القتالية فسيطرت على نقاط استناد العدو التي لم تحتل في اليوم السابق وهي:

تل القلع، شمال تل الفرس، تل السقي، خسفين، ووصل النسق الأول للفرقة إلى خط تل البازوك – تل المنطار، كما تقدم اللواء الميكانيكي (النسق الثاني للفرقة) ووصل إلى ناب – كفر الما، وقد خاضت كتيبة الدبابات التي وصلت صباحاً إلى منطقة اليعربية، على بعد عدة كيلومترات من بحيرة طبرية معركة حاسمة مع دبابات العدو المتقدمة على هذا المحور.

ولكن لواء الدبابات الإسرائيلي المعزز بالطيران تمكن من التغلب على مقاومة هذه الكتيبة وفتح المحور أمام حركة القوات الإسرائيلية، كما حدثت معركة شبيهة بتلك على محور جرنايا، وحتى مساء هذا اليوم تمكنت وحدات العدو من فتح المحاور الصاعدة إلى الهضبة والتمسك بمداخلها، مشكلة طلائع متقدمة للقوات الإسرائيلية الاحتياطية القادمة من العمق.

وقد تمكنت قوات رفائيل إيتان من احتواء الهجوم السوري وفتح ثغرات في عدة أماكن مما اضطر هذه القوات إلى التراجع من معظم المناطق التي تقدمت نحوها باستثناء مرصد جبل الشيخ.

هنا بدأت القوات السورية تأخذ وضعية الدفاع وهي في حالة غير جيدة بينما تضغط قوات العدو باتجاه التقدم داخل خط الدفاع السوري، في هذه الأثناء استنجد حافظ أسد بالعراق ومصر.

وبدأت طلائع القوات العراقية تصل إلى الجبهة وكذلك قوات أردنية وسعودية وكويتية.

وكذلك اتصل حافظ أسد بأنور السادات يطالبه بالضغط على العمق الصهيوني وتجاوز خطة استنزاف القوات الصهيونية باتخاذ وضعية الدفاع.

في حينها وقعت القوات السورية في مأزق كبير وتراجعت إلى خطوط الدفاع وفقدت القدرة على الثبات فتسلمت القوات العراقية بقيادة الضابط "تايه النعيمي" زمام المبادرة.

كما اتصل حافظ أسد بالسادات يطلب منه إيجاد حل لإنقاذ دمشق من السقوط، حينئذ وجدها السادات حجة فافتعل مشكلة مع الفريق سعد الدين الشاذلي الذي كان يرى أن أي تقدم خارج ال 15 كم حيث التغطية الصاروخية (سام) ستكون كارثية على الجيش المصري، ولابد من تأمين نقل قواعد صواريخ أرض جو أولا، فقام السادات بعزله وتعيينه ملحقا عسكريا بلندن.

هنا أصدر السادات أوامره لقوات النخبة المصرية بالتقدم في صحراء مكشوفة من غير غطاء جوي، حيث صُدم الضباط الصهاينة ولم يصدقوا ما يفعله المصريون وفيهم خبراء مخضرمون لا يمكن أن يفوتهم هذا الخطأ الاستراتيجي، (وفاتهم أنه اتفاق بين السادات وكولدمائير وحافظ أسد برعاية كيسنجر)، حينها خرج الضباط الصهاينة يرقصون من الفرح بعد أن كانوا في أسوأ حال وأيقنوا أن الجيش الصهيوني سيستنزف وسيفرض المصريون عليه شكل الحرب كما يشاؤون وإلى حين.

وعلى الفور صدرت الأوامر للقوى الجوية الصهيونية بتدمير قوات النخبة المصرية في صحراء سيناء وقد بدت أهدافا مكشوفة وسهلة فدمرت 250 دبابة ت 72 وقضت على قوة الجيش المصري الرئيسة، فلم يجد السادات سوى التهريج فافتعل قصة (نزول أمريكا بالحرب، وأسر دبابات لم تمش سوى 30 كم، ومن هذه الأكاذيب التي تنطلي على الشعوب المتخلفة القابلة لهذا التهريج.

ــ المعركة بكف العدو الصهيوني:

هنا رجحت كفة العدو الصهيوني بعد تراجع القوات السورية وتدمير قوات النخبة المصرية فقام بتطوير هجومه على الجهتين، إذ اخترق البحيرات المرة من ثغرة الدفرسوار بثمان دبابات يقودها أريل شارون فقد كشفت التقارير فيما بعد أن هذه السدة أنجزت من قبل العدو قبل ثلاثة شهور من المعركة في غياب تام للاستطلاع المصري مما يشير بأصابع الاتهام إلى اتفاق تام على قيام العدو ببنائها رغم أنها تساوي ضعف السد العالي.

حيث طوقت قوات شارون الجيش الثالث في مهزلة تاريخية وتركتها القوات المصرية تصول وتجول وتستكمل عبور الإسناد إليها حتى وصلت إلى الكيلو مئة وواحد، فنشأ وضع جديد عُرف بتداخل القوات أو فك الارتباط مما أعطى السادات فرصة طلب وقف إطلاق النار وطلب الحل من الدولتين العظميين.

 

 وعلى الجبهة السورية بدأ العدو هجومه الواسع مع أول ضوء:

اندفع الهجوم الصهيوني نحو سعسع بعد أن تغلب على مقاومة باسلة من القوات المغربية، فوصلها في الساعة السادسة صباحاً حيث دارت معركة عنيفة دمرت بها القوات الصهيونية 630 دبابة سورية، وفي تمام الساعة الحادية عشرة والنصف انتهت القوات السورية ولم يعد بإمكانها المقاومة وانفتح الطريق إلى دمشق، وسيطرت القوات الصهيونية على أكثر من ثلاثين قرية ومنطقة جديدة.

وكانت القوات العراقية تتحرك باتجاه القوات السورية وتستعد للتصدي للقوات الصهيونية، فبدأت برمايات مكثفة من مدفعية الميدان في محاولة لوقف تقدم القوات الصهيونية، وتثبيت هجومها على الأرض ونجحت القوات العراقية في وقف اندفاع العدو.

وبدأت هجوما مضادا فدارت معركة عنيفة بينهما تألق فيها الضباط العراقيون في اصطياد الدبابات الصهيونية بقاذفات الآر بي جي، وتمكنت القوات العراقية من طرد القوات الصهيونية إلى خارج خط آلون، عاود العدو الهجوم في اليوم التالي ونجح في اختراق عدة مواقع للقوات العراقية فدارت معركة شرسة بالسلاح الأبيض.

هزيمتنا في حرب تشرين كانت لائقة بأنظمة خيانية عقدت اتفاقاً على خوض حرب كاذبة مستغلة حماسة شعوبها وشجاعة جيوشها ..اليوم قتلوا الحماسة والشجاعة.