الاحتلال الإسرائيلي يفصل شمال غزة عن جنوبها
الاحتلال يفصل شمال غزة عن جنوبها، صور أقمار صناعية تكشف إتمام إنشاء طريق فاصل بعد محو عشرات المباني.
الاحتلال يفصل شمال غزة عن جنوبها، صور أقمار صناعية تكشف إتمام إنشاء طريق فاصل بعد محو عشرات المباني.
عمد جيش الاحتلال إلى تعميق تخريب قطاع غزة بما لا يسمح بعودة الحياة فيه على المستوى القريب، فأخذ بمحو عشرات المباني بشكل كامل لإقامة طريق يفصل شمال غزة عن جنوبها.
من ضمن أهداف هذا الطريق أن يمنح الاحتلال الإسرائيلي قدرة كبيرة في إحكام السيطرة والتحرك بحرية في منطقة من شأن السيطرة عليها أن تشلّ الحركة بين قسمي القطاع الشمالي والجنوبي، فضلاً عن أنه يمنح الاحتلال وصولاً سريعاً إلى البحر من وسط قطاع غزة.
كما يأتي إنشاء طريق يقسم غزة، في وقت يعمل فيه الاحتلال على إقامة منطقة عازلة على حدود غزة على عمق يتراوح بين 1 و2 كيلومتر.
ومن بين أهدافه تشكيل عائق أمام عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال القطاع، كما يظهر تحليل صور الأقمار الصناعية كيف دمرت قوات الاحتلال عشرات المباني على جانبي الطريق.
وكانت "القناة 14" الإسرائيلية قد تحدثت في فبراير 2024، وبثت مشاهد تظهر جانباً من إنشاء الطريق الذي يتولى بناءه عسكريون من قوات سلاح الهندسة في جيش الاحتلال، ويُطلق على الطريق اسم "ممر نتساريم" أو " الطريق 794″.
الطريق من شرق غزة إلى غربها:
صور الأقمار الصناعية، التُقطت يوم 5 مارس 2024، وتظهر بشكل واضح معالم الطريق المرصوف الذي يبدأ من شرق القطاع، عند مكب النفايات الواقع قرب الشريط الحدودي مع مستوطنات غلاف غزة، وينتهي عند شارع الرشيد أقصى غرب القطاع بجوار البحر.
يمتد الطريق الفاصل، على طول 6.3 كيلومتر، ويتصل بمستوطنة "بئيري" التي تبعد عن حدود قطاع غزة نحو 4 كيلومترات، ويبتعد عن مستوطنة "ناحال عوز" نحو 5 كيلومترات، ويقطع الطريق الفاصل شارع صلاح الدين الذي يمر من وسط القطاع، والذي يُعد من أهم شوارع غزة لكونه طريقاً واصلاً بين المناطق المختلفة.
مع إنشاء هذا الطريق، باتت مساحة 14 كيلومتراً من مدينة غزة إلى شمال القطاع، مفصولة عن 27 كيلومتراً من وسط وجنوب القطاع، وتُعد محافظتا شمال غزة ومدينة غزة من أكثر المناطق في القطاع اكتظاظاً بالسكان، الذين يبلغ عددهم في كامل غزة نحو 2.3 مليون نسمة.
وقبل بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع يوم 7 أكتوبر 2023، كان يعيش في منطقة شمال وادي غزة (تضم محافظتي غزة وشمال غزة) قرابة 54.7% من مجموع سكان القطاع، وفقاً لإحصائية من المكتب الإعلامي للحكومة في غزة.
وبحسب تقديرات من إدارة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية في غزة، فإن شمال غزة كان يقطنه قبل الحرب قرابة 389 ألف نسمة، فيما يقطن محافظة غزة قبل الحرب 894 ألف نسمة.
ومنذ اندلاع الحرب وحتى نهاية فبراير 2024، فإن عدد السكان الحاليين في محافظة شمال غزة 300 ألف نسمة، وفي محافظة غزة 300 ألف، بحسب ما ذكره مصدر من المكتب الإعلامي الحكومي.
تدمير واسع لإنشاء طريق يقسم غزة:
ورصدت صور الأقمار الصناعية مسحاً واسعاً للأبنية على جانبي الطريق الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، وامتد هذا التدمير الممنهج من بداية الطريق شرقاً إلى نهايته غرباً، وكان الفيديو الذي نشرته القناة 14 الإسرائيلية في فبراير 2024، قد أظهر جانباً من إزالة المباني على جانبي الطريق.
هذا التدمير للأبنية يهدف إلى تأمين الطريق البري من هجمات من فصائل المقاومة من شأنها أن تضعف سيطرة قوات الاحتلال على الطريق، وتمتد آثار الدمار على طول نحو 6 كيلومترات على طول امتداد الطريق الفاصل.
ومن بين أبرز المباني التي رصدت تدميرها لإنشاء طريق يقسم غزة، جامعة الأزهر في غزة، والتي تقع في منتصف طول الطريق الفاصل، إضافة إلى تدمير "منتجع النور السياحي" الذي يبعد مئات الأمتار عن جامعة الأزهر، كما تظهر صور الأقمار الصناعية أن الأضرار وصلت إلى مستشفى الصداقة التركي الواقع بجوار المنتجع.
يشكل وجود هذا الطريق عائقاً أمام عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال غزة بسبب تمركز قوات الاحتلال فيه، واستهدافها المدنيين الذين يحاولون العودة لمنازلهم في الشمال.
في هذا الصدد، كان موقعAxios الأمريكي، قد ذكر الإثنين 4 مارس 2024، أن حركة " حماس" تتمسك بشدة في المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي، بضرورة السماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى منازلهم.
الموقع الأمريكي نقل عن مسؤول إسرائيلي ومصدر مطلع على المحادثات، قوله إن "الوسطاء المصريين والقطريين أبلغوا المفاوضين الإسرائيليين، خلال المحادثات، أن حماس مستعدة لتخفيض أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بالإفراج عنهم ضمن صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، بشرط موافقة الاحتلال على السماح بعودة مزيد من المدنيين الفلسطينيين إلى شمال غزة".
كذلك من شأن هذا الطريق الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، أن يمنح الاحتلال الإسرائيلي قدرة كبيرة في إحكام السيطرة والتحرك بحرية في منطقة من شأن السيطرة عليها أن تشلّ الحركة بين قسمي القطاع الشمالي والجنوبي، فضلاً عن أنه يمنح الاحتلال وصولاً سريعاً إلى البحر من وسط قطاع غزة.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قد نقلت عن مسؤولين عسكريين قولهم إن إنشاء الجيش الإسرائيلي لهذا الطريق وسط غزة، يهدف إلى تسهيل العملية العسكرية التي يقوم بها في القطاع، ويُعد "جزءاً من خطة إسرائيل للحفاظ على السيطرة الأمنية على القطاع لبعض الوقت".
أشارت الصحيفة إلى أن هذا الطريق سيسمح أيضاً "للجيش الإسرائيلي بمواصلة التحرك بسرعة من خلال الطريق الآمن، حتى بعد انسحاب معظم القوات"، وبحسب مسؤولين إسرائيليين فإنه "من المقرر أن يتم استخدام الطريق لتسيير دوريات فيه، حتى اكتمال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة"، والتي أشاروا إلى أنها قد تستمر لوقت طويل.
كذلك يتزامن إنشاء طريق يقسم غزة مع تزايد انتشار المجاعة في شمال غزة، وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الأربعاء 6 مارس 2024، عن ارتفاع حصيلة ضحايا سوء التغذية والجفاف في القطاع إلى "18 شهيداً"، محذرةً من أن المجاعة في الشمال "وصلت مستويات قاتلة".
وبسبب الحرب والقيود الإسرائيلية الهادفة لحصار القطاع، بات سكان غزة يعيشون وسط مجاعة في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.