الروبوتات القاتلة: ثورة تقنية أم تهديد وجودي؟

الروبوتات القاتلة: ثورة تقنية أم تهديد وجودي؟


لطالما كان مصطلح   "الروبوتات القاتلة"  مرتبطًا بأفلام الخيال العلمي والديستوبيا، مثل سلسلة  The Terminator ، التي تصور مستقبلاً تسيطر فيه آلات ذكية على العالم. لكن اليوم، أصبح هذا المصطلح يعبر عن  "نظم الأسلحة المستقلة الفتاكة" ، وهي تقنيات متطورة تعمل دون إشراف بشري، ما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيدين يرون فيها تقدمًا عسكريًا ومعارضين يحذرون من مخاطرها الأخلاقية والإنسانية.  

نظم الأسلحة المستقلة: ماذا تعني؟  
تطور التكنولوجيا العسكرية  

هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق لامتلاكها |  سياسة | الجزيرة نت
تعمل دول عديدة على تطوير أسلحة تعتمد على وظائف مستقلة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل:  
- الألغام الأرضية: الألغام المضادة للمركبات والأفراد التي تعمل دون تدخل بشري.  
- الطائرات المسيّرة: مثل الطائرات الانتحارية التي تحتوي على ذخيرة.  
- أنظمة الدفاع الذكية: التي تستطيع تحديد الأهداف والاشتباك معها تلقائيًا.  

 الذكاء الاصطناعي في الحروب  
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في المهام التالية:  
- تحديد الأهداف بدقة.  
- تعقب الصواريخ والمركبات.  
- الحروب السيبرانية، مثل نشر معلومات مضللة باستخدام تقنية التزييف العميق.  

كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على الحروب الحديثة؟

 التحديات التقنية: الذكاء الاصطناعي والصندوق الأسود  
اللوغاريتمات وتعلم الآلة  
يعتمد الذكاء الاصطناعي على  الخوارزميات ، وهي إرشادات برمجية تنفذ مهمات معقدة. ومع تطور  تعلم الآلة ، أصبحت النظم قادرة على التعلم والتطور ذاتيًا.  
-  صندوق أسود : طبيعة الذكاء الاصطناعي تجعل من الصعب تفسير كيفية اتخاذ القرارات، مما يزيد من مخاوف الشفافية.  
-  عدم القدرة على التنبؤ : قد تتصرف النظم بطرق غير متوقعة نتيجة بيانات الإدخال.  

 

 الجدال بين مؤيدي ومعارضي الروبوتات القاتلة  
 حجج المؤيدين  
-مضاعفة القوة العسكرية: تقلل من الحاجة للجنود والمعدات، ما يخفض التكاليف ويزيد الكفاءة.  
- تقليل الخسائر البشرية: تُجنب إرسال الجنود إلى مناطق خطرة.  
- استكشاف الأهداف بدقة: تقليل الدمار للبنية التحتية.  

 حجج المعارضين  
- زيادة احتمالية الحروب: انخفاض الخسائر البشرية قد يجعل قرارات الحرب أسهل.  
- غياب القيم الإنسانية: لا تستطيع اللوغاريتمات فهم قيمة الحياة البشرية.  
- مخاطر الاستخدام الخاطئ: يمكن أن تُستخدم لارتكاب مجازر أو اغتيالات سياسية.  

العالم البريطاني  ستيوارت راسل أشار إلى أن الأسلحة المستقلة يمكن أن تصبح "أسلحة دمار شامل رخيصة"، مما يزيد من خطر استخدامها من قبل جهات غير مسؤولة.  

 

 الإشكاليات الأخلاقية والمسؤولية  
من يتحمل المسؤولية؟  
تثير الأسلحة المستقلة تساؤلات حول:  
- المسؤول عن الأخطاء الكارثية التي قد ترتكبها الروبوتات.  
- غياب الرقابة البشرية على قرارات استخدام القوة القاتلة.  

الأمين العام للأمم المتحدة،  أنطونيو غوتيريش  ، وصف تطوير تلك الأسلحة بأنه   "بغيض أخلاقيًا"  ودعا إلى حظرها بموجب القانون الدولي.  

الذكاء الاصطناعي كيف‭ ‬سيُغير‭ ‬شكل حروب‭ ‬المستقبل؟ – مجلة الجندي – مجلة  عسكرية ثقافية شهرية

 -الجهود الدولية لتنظيم الأسلحة المستقلة  

أطر قانونية مقترحة  
- تقرير الأمم المتحدة (2026): يدعو إلى اتفاقية ملزمة لحظر نظم الأسلحة التي تعمل دون إشراف بشري.  
- قمة الذكاء الاصطناعي العسكرية: انعقدت أول مرة في أمستردام (2023)، ثم في سيول (2024)، حيث تبنت 61 دولة وثيقة للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.  

هل الخطوات كافية؟  
رغم أهمية هذه الجهود، فإن الوثائق الحالية غير ملزمة قانونيًا، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في الحد من المخاطر المحتملة.  

 

 استشراف المستقبل: بين الخوف والإثارة  
يرى الفيلسوف نيك بوستروم أن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانات هائلة لتحسين البشرية، لكنه يحذر من مخاطر استخدامه في الحروب. ويشير إلى أن:  

- الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشر: مما يثير تساؤلات حول قدرتنا على السيطرة عليه.  
- إذا سارت الأمور بشكل صحيح: قد يشهد البشر تحولًا إيجابيًا كبيرًا في حياتهم.  

الذكاء الاصطناعي في الحروب.. فوائد ومخاوف أخلاقية - مجلة عالم التكنولوجيا

يبقى السؤال الكبير: هل ستتمكن البشرية من تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتكون وسيلة للبناء بدلًا من التدمير؟ الإجابة تعتمد على قدرتنا على وضع أطر تنظيمية صارمة تمنع إساءة استخدام هذه التقنيات، مع تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية الأخلاقية.