قراءة نقدية في مناهج الجماعات الإسلامية " الدكتور عبدالله النفيسي".

حوار فكري ومناقشة "د. عبدالله النفيسي" عن الجماعات الإسلامية :

قراءة نقدية في مناهج الجماعات الإسلامية " الدكتور عبدالله النفيسي".
الأكاديمي الدكتور عبدالله النفيسي

حوار فكري ومناقشة د. عبدالله النفيسي عن الجماعات الإسلامية:

١ـ الجماعات الإسلامية بشتى راياتها ومسمياتها أضحت مستهدفة دولياً وإقليمياً ولو كنت مكانها لقمت بمراجعة شاملة جسورة لبلورة حسبة استراتيجية جديدة .

٢ـ أول شيء في الحسبة الجديدة أن تتحاشى الجماعات الإسلامية هذه المواجهات الغير متكافئة التي أدمنتها مع قوى ونظم راسخة على الأرض لها شرعية دولية.

٣ـ من أهم مبادئ الحرب ( الاقتصاد في القوى) والجماعات تبدد قواها وتترخص بذل دماء شبابها. يجب صيانة الخزين الاستراتيجي للجماعات والحفاظ عليه.

٤ـ الجماعات مخترقة أمنياً في قياداتها إلا ما ندر وصار من السهل توظيفها في حروب وكالة     (war by proxy) تخدم في نهاية الأمر أعداء الإسلام وأعداءها.

٥ـ يجب أن تدرك هذه الجماعات أننا نعيش ضمن (نظام) دولي يقوم على احتكار السلاح والخامات  ( نفط وقمح) والتحكم بالإعلام (الأقمار الصناعية) وقبول دولي.

٦ـ ولدى هذا النظام الدولي مؤسسات (صلبة): جيوش وسلاح ومال وفير واقتصادات متطورة ومزدهرة ومطلوب دراسة المشهد بأناة قبل الانخراط في مواجهة خاسرة.

٧ـ هل هذه الجماعات في حالة مواجهه مع ( النظام الدولي)؟ أم قادرة على التعايش معه؟ المواجهة في ظني خاسرة والتعايش لا يتضح من خطاب هذه الجماعات.

٨ـ خطاب هذه الجماعات منفك تماماً عن حالتها الموضوعية وموغل في الرومانسية والتفكير الرغبوي كمن يواجه كتيبه خضراء من الحديد بقصيدة شعرية أو خطبة.

٩ـ ثم إن شبكة علاقاتها السياسية هزيلة للغاية ومعارفها السياسية متواضعة وصورتها لدى العالم مبهمة وغامضة ويستبعد أن تكون مؤثرة عالمياً.

١٠ـ الجماعات الإسلامية تعمل بعفوية مفرطة وليس وفق خارطة طريق ولذا صار من السهل استدراجها واستنزافها في معارك جانبيه تستهلك خزينها الاستراتيجي.

١١ـ لم تعتد الجماعات على النقد الموضوعي لها ولذا تسارع في تصنيف الممارس له وإدانته واتهامه دون الاستفادة من النظر في مادة النقد وفحواها.

١٢ـ تقديس الجماعات الإسلامية لقادتها أوقعها في سلسله من الأخطاء الكارثية.

- أولها تنزيه القيادة من الخطأ - ثانيها زرع روح القطيع في الأفراد.

يناقش د. "عبدالسلام طالب" هذه النقاط التي ذكرها النفيسي ويفندها في هذه المحاور:

أولاً: عناصر القوة الصلبة:

نتفق مع د. "عبدالله" في كثير مما ذهب اليه فيما اعترى الجماعات الاسلامية من ترهل وتقهقر نتيجة الصلابة الفكرية وتعنت قيادات الجماعات وعدم قبول النقد لها ولاتباعها وتقمص صنمية الانتماء الحزبي أو التكوين المعرفي للجماعة وتقديس آئمتها وتخدير أتباعها.

ومن هنا قلنا كلمتنا المشهورة أن تلك الجماعات أضحت كديناصورات أبت أن تتطور فتحولت للانقراض ....!!

نعم هناك منظومة دولية حاكمة ومسيطرة وقوية ولا يمكن تجاهلها أو تجاوزها ومحكومة بنظام اقتصادي وعسكري وسياسي قوي.

ولكن يمكننا القول أن مافيا المال هي المتحكمة بتلك المنظومة وهنا لا بد أن ننبه الى عوامل القوة الصلبة الثلاث التي يجب على الامة الاسلامية التفكير بها قبل تشكيل تلك الجماعات:

العوامل الثلاث هي " العلم والمال والاعلام "

الاعلام: هو العنصر الثالث الذي يؤسس ما يسمى بقوة الاقناع:

المنظومة الدولية تحكم العالم بالعلم والتكنولوجيا والمال ولكنها غير مقنعة لشعوب العالم لفقدانها أهم عنصر من عناصر الحضارة وهو القيم.

لا نعني بالقيم تلك القيم الزائفة لحقوق الانسان التي صنعتها منظماتهم الهابطة في مستنقع الظلم ليقنعوا بها العالم فقتل واحد منهم جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل جريمة فيها نظر .... هكذا هي حضارتهم.

يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق ويخوضون الحروب من أجل المال وبيع السلاح وتثبيت عملائهم ليرعوا مصالحهم ولا ضير أن قتلوا الألوف من البشر كما حدث في الصراع في الكونغو راح ضحيته 8 مليون إنسان في سبيل الحصول على معدن التنتلايت المستعمل في الاجهزة الالكترونية أو الصراع على أفغانستان من أجل الحصول على معدن الليثيوم الذي سيستعمل بديلا للطاقة قريباً.

ما أريده هنا بالقول أننا كأمة إسلامية علينا أن نؤسس جماعاتنا ونربي أتباعنا على صناعة عناصر القوة ويجب علينا امتلاك المال لأنه المحرك الأول للحصول على العلم والتكنولوجيا.

بعدها طالما أننا أمة رسالة وحضارة حكمت العالم 14 قرن من الزمان نستطيع أن نقنع شعوب الارض بحضارتنا وأهدافنا وقيمنا.

ثانياً : فقدان بوصلة العمل الاستراتيجي:

معظم الجماعات الإسلامية تفتقد للخطة والاستراتيجية ومعظم تفكيرها في الوصول إلى الحكم وهي عاجزة تماماً للوصول أمام هذه المنظومة المتحكمة في العالم وكما ذكر د. "عبدالله" أنها عفوية وتنطلق من منطلقات دينية ربما أساؤوا فهمها وبنوا عليها أفكارهم وقيمهم حتى صارت قرآنا منزلاً من السماء وهي مجرد اجتهادات مقتبسة من بعض المفكرين أو تصرفات نابعة من التصلب الفكري والتفكير الرغبوي كما ذكرنا.

ثالثاً : التفكير الرغبوي:

تعتمد هذه الجماعات على التفكير الرغبوي وتجييش عواطف الأمة عن طريق الظواهر الصوتية التي تحرك الجماهير بغوغائية لتشبع رغبتها في نزوة الانتصارات الوهمية وسرعان ما يصاب أتباعها بالإحباط عندما يذهب الزبد ويبقى جفاء.

رابعاً : توظيف طاقات المجاهدين :

كتبت مقالاً عندما بدأت ثورات الربيع العربي بعنوان " محاسن الجهاد الإسلامي في نظر الغرب " كتبت فيها خطة الغرب في استعمال الجماعات الإسلامية وخاصة الجهادية منها في توظيفها في حروب الوكالة كما حدث في العراق مع القاعدة أو افغانستان مع طالبان والقاعدة وهناك أمثلة كثيرة في الصومال وغيرها.

على الجماعات الإسلامية أن تعلم أن أكبر مخزون استراتيجي لديها هم الشباب المجاهد فلا ينبغي لهم بالتفريط بهم في حروب الوكالة أو الجهاد العبثي كما حدث في تلك الدول وتلك الجماعات سواء كان في حرب الأفغان أو الربيع العربي أو حتى الحرب مع الكيان الإسرائيلي.

خامساً: الأخطاء الكارثية لدى الأحزاب والجماعات:

والتي وقعت بها نتيجة تنزيه القيادات من الخطأ وبعدها عن روح النقد نتيجة زرع روح القطيع في الأفراد و هذا الأخطاء منعت الجماعات من التطور والانتشار ومنعتها من إكمال البرنامج الحضاري النهضوي للأمة.

عدا أن معظم الجماعات مخترقة على مستوى القيادة وهذا لا خلاف فيه وعندما يقدس إتباع قادتهم ولا ينتقدونهم عندها تترهل هذه الجماعات وتنتهي.

سادساً: التعايش مع المنظومة الدولية:

هنا موقع الاختلاف مع د. "عبدالله" في مسألة التعايش مع النظام الدولي لكن كما يقول المواجهة معه لا شك خاسرة مع انعدام توفر عوامل القوة لكن السؤال ما نمط هذا التعايش وكيف ...؟؟

هذا السؤال مطروح للمناقشة ....؟؟؟

وربما لا يكون هذا هو الحل وإنما هناك طريق آخر يجب أن نبحث عنه ولا شك عندي أن الحل ليس بالتعايش مع المنظومة الدولية ولا مواجهتها مع عدم المقدرة وإنما هناك طريق آخر.

ربما هذا الحل الذي يبحث عنه الجميع وهو بوابة الطريق الذي سيجمع عمل الإسلاميين حول هدف واحد ونحو أمة واحدة وجهد واحد في مواجهة منظومة النظام العالمي.

وهنا يجب أن نؤصل لهذا الهدف ومشروعيته ونمطيته ومعلوم للجميع أن أولى خطواته ما قمنا به في " معركة الوعي وسنكمل الطريق بإذن الله وسنبينه للعالمين.

وسيكون هذا المشروع ضمن منهج متكامل تم تأصيله فكرياً ومنهجياً وسلوكياً.

وهذا المنهج لا هو التعايش كما يريد الغرب ولا هو التصادم قبل مرحلة البناء والتمكين وإنما هو منهج الوصول الى الندية وتحقيق الذات وتحقيق التوازن الذي يعتبر الخط الفاصل بين القوة والوهن.

د. عبدالسلام طالب.