لقاء بشار الأسد .. والتركي والروسي.. والدستور
بين الأمس واليوم تتبعت مرتين مقابلة بشار الأسد مع الصحفي الروسي "قلاديمير سولوفيوف"، فما وجدت شيئا فيها يستحق الوقوف عنده، مع أنني بحثت، أو التعليق عليه، ربما لفت انتباهي فقط، الطريقة التقليدية لبشار الأسد، عند حديثه عن اللوحة المعلقة، وتفرق النظر بين الكل أو الجزء.
بين الأمس واليوم تتبعت مرتين مقابلة بشار الأسد مع الصحفي الروسي "قلاديمير سولوفيوف"، فما وجدت شيئا فيها يستحق الوقوف عنده، مع أنني بحثت، أو التعليق عليه، ربما لفت انتباهي فقط، الطريقة التقليدية لبشار الأسد، عند حديثه عن اللوحة المعلقة، وتفرق النظر بين الكل أو الجزء.
ذكرتني هذه اللفتة، بحديث بشار الأسد عن الخشب المطاوع، عندما قيل له منذ عقدين: إن إعلامه خشبي. يقول الفرنسيون: الأسلوب هو الرجل. لم يتغير شيء. ثم مما لفتني الهزء في غير موضعه، بأن يذكر أنه يعرض نفسه على طبيب نفسي!! وأقول لا بد للأسوياء الذين يعيشون مثل ظرفه، ويتحملون مثل مسؤوليته، أن يحتاجوا إلى أطباء نفسيين يساندونهم، أو يسهلون عليهم مواجهة ما جنته أيديهم.
ولو أحسن بشار الأسد تأمل صور المدن السورية التي دمرها ببراميله، لأصيب "بالأهوال"!! منفصل عن الواقع ذاك الذي يستغرق في تأمل صورة معلقة على جدار مكتبه، ولا يرى الصورة الواقعية للبشر والحجر من حوله، ولا يسمع أصوات الغارات الصهيونية تقتنص من جلبهم ليتقوى بهم صباح مساء.
كل الذين يحتاجون إلى أطباء نفسيين يسخرون ممن يذكرهم أن الطب النفسي علم، يساعد بعض الذين يتسببون بالكوارث، على تجاوز أوضاعهم.
كما يحتاج إلى طبيب نفسي، الذي يتحدث بهزء وسخرية عن ملياراته الخاصة المودعة في البنوك الأمريكية، وينسى وهو يتأمل كافة أجزاء اللوحة المعلقة على جدار مكتبه، أن كل البنوك حول العالم هي بالمخرج النهائي، أمريكية. وأن ملياراته الحقيقة التي ورثها، والتي استحدثها، ترقد على عين هناك، كما يرقد هو على عين هنا في القصر الجمهور!!
أعلم أنكم ستلومونني إذا قلت: أنني قرأت وأنا أتلمس بعد تجربة ربع قرن من إشاعة الخراب وسفك الدماء: فكرة عاقلة، أو كلمة عاقلة، أو منحى عاقلا، أو استعدادا للتعقل، بشأن ما مر على سورية، وبشأن ما يمكن أن يمر!! ولكن دائما يخيب ظني، ويصدقك ظنكم، وأظنكم ستفرحون بهذا الاعتراف شبه الكنسي. وربما أعترف وأبكي...
في تتمة المشهد السوري خلال اليومين، يعلن وزيرا الخارجية التركي والروسي معا عن استحالة اللقاء المصالحة بين تركية وبشار الأسد، لن أقول وسورية أبدا، وهي استحالة محببة بالنسبة إليّ وبالنسبة إليكم، وأرجو أن تكون كذلك بالنسبة لكل الفرقاء. ونسأل الله دوامها، وأن ينعم على المشهد ببديل لها.
من الأحداث التي تحتاج إلى تعليق دعوة السيد بيدرسون إلى جولة جديدة من لقاءات "اللجنة الدستورية" في جنيف، تعلمون أنني أعلنت منذ تشكلت الدستورية العتيدة - لا رغبا ولا رهبا - عن الدستور الذي أكله الحمار. وأن المشكلة في سورية ليست في نصوص الدستور، وإنما في مكانة الدستور...!!
ولو كان بشار الأسد يحترم دستور 2012 الذي وضعته لجنة من تشكيله في دمشق، لما أدخل سورية حمام الدم، وأشاع فيها هذا الخراب.
لافروف وزير الخارجية الروسي يعلن أن جنيف ليست بلدا محايدا للقاء اللجنة العتيدة. رمزية كل اللقاءات الدولية والأممية التي تعقد في جنيف، إنما يتيم فيها الحياد، ومع ذلك فعلى طريقة من يقول "اطلعوا بشوري وانزلوا بقرن ثوري" فجأة تصبح العاصمة السويسرية جنيف غير محايدة للقاء السوريين!!
المعارض السوري "قدري جميل" المقيم في موسكو أو في أحد أطرافها ربما، يرى أن دمشق هي المكان الأمثل لعقد اللجنة الدستورية!! فلم غادرتها إذن يا صاح؟؟ وإذا كانت دمشق لا تصلح لإقامتك، ولم تصلح لإصدار الدستور الذي كنت قيما عليه، ثم اعتذرت عن عثاره وأنا أسمعك، فما بدا مما عدا حتى غدت دمشق هي المقر الأنسب. ؟؟
كنت أرجو أن يستقيم للناس رأي، يأوي إليه العقلاء، يخرجهم من عثار الفوضى، فلا يصلح الناس فوضى.
زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي