مهرجاناً تضامنياً مع شعب غزة ومقاومته الباسلة

أقام تجمع التوافق الوطني لتحرير سوريا، مهرجاناً تضامنياً مع شعب غزة والمقاومة الباسلة، وضم المهرجان شخصيات سياسية وأدبية، حيث أكدوا تضامنهم مع القضية الفلسطينية ووحدة العروبة، وقال الأمين العام للتجمع " الدكتور عبدالحق الهواس " أن القضية الفلسطينية قضية العرب جميعاً وأن الشعب السوري يلامس معاناة قطاع غزة وما حصل بها لأن الشعب السوري ذاق آلام الحرب، وقال المشاركين في المهرجان، أن المقاومة دافعة عن أرضها ضد الاحتلال الصهيوني الذي سلب أرض فلسطين منذ عقود عدة، وأن الشعب الفلسطيني يتعرض لأبشع إبادة جماعية، وأن العدوان الإسرائيلي قام بانتهاك كافة المواثيق الدولية التي تتحدث عن حقوق الإنسان، وطالب المتحدثين بالمهرجان " على العالم أن يقف هذه الإبادة وأن يعاد للشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة منه".

مهرجاناً تضامنياً مع شعب غزة ومقاومته الباسلة
مهرجاناً تضامنياً يقيمه تجمع التوافق الوطني لتحرير سوريا

                            بسم الله الرحمن الرحيم

 

((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا))

 

يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية، يا أحرار العالم أينما كنتم:

لم يعرف التاريخُ ظلماً وقعَ على شعب مثل هذا الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني...

لقد استُهدِفَ هذا الشعبُ بأرضه ووجوده بمؤامرة كونيةٍ قادتها بريطانيا المجرمة منذُ قرنٍ مضى حين أصدر وزيرُ خارجيتها ما عُرف بوعد بلفور الذي وَعدَ فيه اليهود بمنحهم أرضَ فلسطين العربية وطناً قومياً لهم.

فمنح هذا المجرم ما ليس من حقه إلى من لا يستحق في أبشع جريمة منظمة استهدفت شعباً ووطناً بماضيه وحضارته ووجوده ومستقبله.

أيها الأخوة: وهنا أشير إلى أمرٍ مهمٍ؛ وهو أنه علينا أنْ نخاطبَ المجرمّ لا أعوانَهُ، فالذي قاد الجريمة هم الإنكليز وليس صنائعَهم من منظمات صهيونية، أو عصابات يهودية مسلحة عملت تحت غطاء الاستعمار الإنكليزي. فانتبهوا إلى أنَّ الخطاب العربي في تعامله مع اغتصاب فلسطين مصاغٌ بعقلٍ إنكليزي خبيث يصور الصراع بين العرب واليهود ويستبعد صانعي الجريمة وأسياد اليهود، ومَن خططوا وساندوا وأتوا باليهود لاحتلال فلسطين تحت غطاء احتلالهم، ورعوا جرائمهم ومجازرهم من كفر قاسم ودير ياسين، وتل الربيع وحيفا ويافا وعلى امتداد أرض فلسطين كلها، وما نراه اليوم في غزة الأبية.

أيها الأخوة:

إن ما يجري اليوم في غزة من جرائم صهيونية بحق شعبها الثابت الأبي المتجذر في أعماق أرضه لهو شيء يفوق الخيال، وأيَّ تصور يحيط بمثل هذا المخطط الاستعماري الإجرامي الذي غرز خنجرا مسموما بقلب الأمة؟!

 إنها الجريمة العالمية المنظمة والمستمرة منذ أُعلن عن قيام هذا الكيان الصهيوني القذر في 15 أيار 1948م حتى يومنا هذا، إنها الكارثة التي بدأت بالاعتراف به وامتدت إلى تمكينه بكل الوسائل والأساليب وما نراه اليوم يعيد إلى الأذهان ما حصل قبل خمس وسبعين سنة من تهجير أبناء فلسطين وإفراغ مدنهم وقراهم بعد مجازر فظيعة دفعت الشعب الفلسطيني للهيام على وجهه ناجياً بنفسه حاملاً مفتاح بيته والمستقبل المجهول مصدقاً بوعود خونة العرب أنه سيعود غداً إلى وطنه.

هذا السيناريو نفسه يعاد اليوم، والفرق هو التطور التكنولوجي لآلة القتل وانكشاف خونة العرب حكام سايكس بيكو في خيانة فلسطين وفي خدمتهم المذلة لبني صهيون، وفي مشاركتهم المباشرة ودون خجل فيما عُرف بصفقة القرن لإنهاء قضية فلسطين.

أيها الأحرار في هذا العالم الشاذ الفاقد للشرف والغيرة:

منذ ثلاثين سنة وغزة، بتواضع مساحتها وعدد سكانها، تتعرض لحصار خانق يستهدف الحياة فيها بكل تفاصيلها، ويحرم شعبَها من أبسط مقومات الحياة، وكلنا بإمكانه الآن أنْ يعيد الصور الفظيعة حين تقوم أكبر دولة عربية بهدم نفق على رؤوس أطفال وبأيديهم لتر من الزيت أو ربطة خبز خدمة رخيصة للعدو وحتى يكون الحصار قاتلا وممنهجا.

ولم يكن هذا الحصار كافياً لدى دول الجريمة المشاركة فيه، بل كانت تعزز الموت بالجوع بموت أكبر مباشر حين تقوم آلة القتل الصهيونية بين الحين والآخر بالعدوان على غزة فتقتل وتدمر، ومن خلف هذه الآلة صهاينة مجرمون قذرون حاقدون عنصريون يُحكمون الحصار ويمنعون كل أسباب الحياة ليحققوا ما يهدف إليه العدوان. ودول عظمى مجرمة تبحث عن تدمير المنطقة العربية كلها، وخونة صغار أذلاء.

أيها الأخوة: ثلاثون عاماً من الحصار الخانق القاتل لدفع المقاومة إلى الاستسلام أو قبول الدعم الإيراني كخيار لابد منه ولا حياد عنه، وكان الهدف هو إيجاد شرخ بين المقاومة والشعوب العربية، وإيجاد تسويغ لأنظمة سايكس بيكو في حصارها ووقف دعمها، ثم في شيطنتها وتشويه صورتها تمهيداً للقضاء عليها وتحقيق حلم صهيون في دولتهم من الفرات إلى النيل.

إن ما جرى يوم السبت 7/10/2023م يستحق الوقوف عنده من عدة نواح:

  • كان لابد للمقاومة من فعل أي شيء لكسر الحصار ولفت نظر العالم إلى حقوق شعب أُهدرت حقوقه من خمسة وسبعين عاماً، ويتعرض لشتى أنواع القتل والإبادة الجماعية والحصار والتآمر على وجوده، فلم يعد أمامه سوى: إما حياة تسرُّ الصديق وإما مماتٌ يغيض العدا. فخرج من حصاره بل من سجنه المؤبد في غزة صارخاً بأعلى صوته نحن هنا نحن موجودون، لا للاحتلال لا للإبادة لا للخيانة لا للتطبيع المذل.
  • تمكن المقاومون وهم أقل من ألفي مقاتل من كسر الحصار وتحرير أربعة مستعمرات صهيونية وإسقاط إحدى عشرة مستعمرة في غلاف غزة، وتدمير فرقة غزة وقتل أكثر من 1400 صهيوني وسوق 300 أسير في أداء عسكري صدم العدو وأذهل العالم وشفى صدور المؤمنين، وكشف حقيقة الكيان الصهيوني وهشاشته، وجبن جنوده وضباطه، وترهل جيشه وفساده وهزالته، ،فأسقطوا أكذوبة الجيش الذي لا يهزم، وأكدوا ما قاله محللو الكيان الصهيوني: إن إسرائيل تنتهي بخسارة معركة واحدة، مما أكد أن هذا الكيان محميّ بأنظمة سايكس بيكو، وأن كل الحروب الماضية كانت مسرحيات متفق عليها لتثبيت هذا النظام العنصري الصهيوني، وتسويغ أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُهزم.
  • فضحَ ردَّ الفعل الصهيوني الجنوني المخَطط له والمعدّ سابقاً لتدمير غزة وترحيل أهلها إلى سيناء لتحقيق صفقة القرن وإنهاء قضية فلسطين، كما فضح موقف الدول الغربية، وخاصة أمريكا وبريطانيا في ضلوعهما بهذا المخطط مثلما فضح موقف دول التطبيع العربية في اشتراكها في هذا التدمير والتهجير كما أعلن عنه السيسي في تهجير شعب غزة إلى صحراء النقب إلى حين إكمال تدمير غزة والقضاء على المقاومة.
  • كشف الهجوم الجوي والصاروخي والمدفعي على غزة عن الوجه القبيح للكيان الصهيوني في استعداده لارتكاب أبشع المجازر الدموية في استخدام أسلوب الأرض المحروقة وإبادة شعب على بكرته وإنهاء وجوده مما يذكر بالمخطط الإنكليزي في إقامة الكيان الصهيوني حين أطلق أيادي مجرمي العصابات الصهيونية في ارتكاب أبشع المجازر لتهجير شعب فلسطين.
  • وكشف هذا العدوان الهمجي موقف العالم المتواطئ مع الكيان الصهيوني واحترافه الكذب والتزوير للتغطية على جرائمه، ولا أدل على ذلك من استهداف مشفى الشفاء المعمداني وقتل أكثر من خمس مئة مواطن مدني وجرح أكثر من ألف وخمس مئة وإذا برئيس أكبر دولة يخرج ليقول بلا خجل أو أدنى حياء بأن الذي استهدف المشفى هي المقاومة، كذلك ما روج له نتنياهو ومؤسسته الدموية بأن حماس قطعت رؤوس أربعين طفلاً يهوديا، وغير ذلك من الأكاذيب الباردة الباهتة مما يشير إلى انحطاط عالم اليوم، وأن المخطط يرى في شريط غزة عائقاً كبيرا أمام تحقيق صفقة القرن في إنهاء قضية فلسطين وإعادة تشكيل شرق أوسطي جديد.
  • كشف العدوان على غزة ألاعيب إيران وعصاباتها ومسرحياتها المفضوحة كما نراه من مسرحية إطلاق بضعة صواريخ من لبنان باتجاه أرض مفتوحة داخل فلسطين المحتلة، يرافقها تصريحات نارية من حكومة الملالي لذر الرماد في عيون الناس، ومن يراقب القناة الثانية عشرة الإسرائيلية وتناغمها مع هذه المسرحية يكتشف الهدف المتفق عليه بينهما وهو تدمير غزة بمقاومتها لاقتسام الكعكة العربية بين صهيون وصفيون.

 

أيها الأخوة:

إننا في تجمع التوافق الوطني لتحرير سوريا كأكبر تجمع سياسي جماهيري لا ندين ونشجب العدوان الصهيوني وحسب، فهذا أضعف الإيمان، وإنما نعلن أننا مع شعبنا الفلسطيني في خندق واحد، فثورتنا السورية على النظام المزدكي الصفوي المجرم حامي حدود إسرائيل، وثورة الشعب الفلسطيني على الاحتلال الصهيوني المجرم تصدر عن منبع واحد هو وجود الأمة ومستقبلها، فالدم واحد والهدف واحد، والبندقية واحدة، والثبات والصمود واحد، وإنها لثورة حتى النصر.

 

                  الأمين العام لتجمع التوافق الوطني لتحرير سوريا

                          الأستاذ الدكتور عبد الحق الهواس