آذار اللبناني – السوري ربيع لم يزهر… وورد لم يحن أوانه بعد!

ربيع العرب حين يزهر في بيروت إنما يعلن أوان الورد في دمشق”، كلمات وبشرى أمل كتبها في يوم من الأيام الشهيد سمير قصير وقد تكون واحدة من أهم أسباب إغتياله في بيروت في 2 حزيران 2005.

آذار اللبناني – السوري ربيع لم يزهر… وورد لم يحن أوانه بعد!
لبنان وسوريا ربيع لم يزهر بعد

ربيع العرب حين يزهر في بيروت إنما يعلن أوان الورد في دمشق”، كلمات وبشرى أمل كتبها في يوم من الأيام الشهيد سمير قصير وقد تكون واحدة من أهم أسباب إغتياله في بيروت في 2 حزيران 2005.

حين يتحدث سمير قصير عن الربيع والورد رابطاً ما بين ربيع بيروت وورد دمشق، إنما يسرح الفكر فوراً إلى شهر آذار، شهر الربيع الذي تتفتح فيه الزهور عادة، ولكن في شقه اللبناني – السوري له حكايات وحكايات، تبدأ في 8 آذار عام 1963 يوم أن استولى حزب “البعث” على السلطة في سوريا لتبدأ سيرها على درب الجلجلة، وامتدادها فيما بعد إلى لبنان الذي كان له ابتداءً من 16 آذار 1977 نصيب من قبضة الطاغية، حين اغتيل الزعيم كمال جنبلاط لتبدأ مسيرة هذا النظام في لبنان على دمائه بعد صفقة مورفي – الأسد، التي تقاسم بموجبها النظام السوري لبنان مع إسرائيل، التي غزت جنوبه في 14 آذار من العام 1978 ليكون باكورة احتلالها لأرض الجنوب اللبناني، ويتحوَّل بعدها لبنان إلى ساحة مستباحة للحرب بالواسطة بين كل أطراف الصراع في الشرق الأوسط، مع تغير الظروف بزيارة السادات الى القدس وخروجه من ساحة المواجهة مع إسرائيل بإعلانه أن حرب 1973 هي آخر الحروب وسلوكه سبيل السلام معها.

8 آذار 1963 عاد وتكرَّر في لبنان يوم 8 آذار 2005، حينما أعلن حلفاء النظام السوري بقيادة “حزب الله”، “النفير” على شكل مظاهرة تحت شعار “شكراً سوريا” رداً على قرار الانسحاب العسكري السوري من لبنان تحت وطأة الضغوط الشعبية اللبنانية والخارجية عليه في أعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان الخروج السوري على دمه هذه المرة كما كان دخوله لبنان على دم كمال جنبلاط، وكانت هذه المظاهرة بداية الطريق لوضع اليد على لبنان على طريقة “البعث” السوري وبديلاً عنه.

14 آذار 2005 كان الرد اللبناني مزلزلاً في ساحة الشهداء، ساحة الحرية عندما نزل الشعب اللبناني وفاءً لدم الشهيد رفيق الحريري وخطه، وولاءً للبنان في واحدة من أشرف الظواهر وأنبل المظاهرات في لبنان على امتداد تاريخه، وكانت البداية الحقيقية للربيع العربي الذي بدأ يزهر في بيروت عندما تحولت المظاهرات إلى ثورة الأرز طلباً للاستقلال الثاني الذي تحقق نسبياً ولفترة وجيزة قبل أن تبدأ التصفيات الجسدية والسياسية ضدها، الأولى بيد الأعداء والخصوم، والثانية بيد بعض أهل الثورة وحلفائها في الداخل والخارج عبر التهاون تارة بسبب مخاوف طائفية بإسم الحفاظ على مقام الرئاسة، والتراجع وإبرام الاتفاقيات مع الطرف الآخر تارة أخرى بإسم المشاركة.

وتحول مع الأيام الأمل والحلم بالتغيير إلى كابوس في 7 أيار 2008 مع اجتياح بيروت والجبل من جحافل إيران المتحالفة مع “البعث”، وهو كابوس حاول لبنان الاستفاقة منه نسبياً في 15 آذار 2011 مع اندلاع الثورة في سوريا، حين كان الظن بأن أوان الورد في دمشق والمنطقة قد حان، ولكن هيهات، فالمصالح الاقليمية والدولية تفرض نفسها مجدداً خصوصاً عندما تتكامل والغباء السياسي والتنظيمي لدى بعض فرقاء الثورة الذين إلتحق البعض منهم بالمحاور الاقليمية ليصبحوا مجرد أداة قذرة لتقسيم الشعب والوطن، غير عابئين بالتضحيات الجسام والأثمان التي دفعها الناس البسطاء ظناً منهم بأنهم على طريق الحرية سائرون.

هكذا تساوى آذار اللبناني عبر ثورة الأرز التي أُجهضت وأكَلَها أبناؤها بعكس ما يقال عادة بأن الثورة هي من تأكل أبناءها، مع توأمه السوري عبر الثورة التي ذُبحت وباتت أشلاء مقطعة، بفعل الثورة المضادة التي ضمت أطيافاً عدة متنافرة من عرب وعجم وشرق وغرب تكالبوا جميعهم عليها لوأدها، ليفوز محور الممانعة في كل من سوريا ولبنان وفوقهما اليمن، ولتتصدر هذه الدول مؤشرات البؤس وتقبع في أسفل سلَّم التنمية البشرية العالمية، مكتفية بشعارات النصر ترفعها مع كل ضربة كف تتلقاها بصورة شبه يومية في إنكار مرضي للواقع وانفصال تام عنه، بانتظار أمل جديد وربيع آخر قد يزهر يوماً ما في بيروت ليعلن أوان الورد في دمشق، أو العكس الذي سيكون بالتأكيد صحيحاً.

ياسين شبلي