تردد إيران في خيارات الرد على هجوم السفارة في دمشق
كلما مرّ الوقت ازداد تردد إيران في الرد على استهداف إسرائيل قنصليتَها في دمشق وسيطرت على تفكيرها حسابات الربح والخسارة والتخوف من إشعال فتيل صراع أوسع لا يبدو أن طهران ترغب فيه.
كلما مرّ الوقت ازداد تردد إيران في الرد على استهداف إسرائيل قنصليتَها في دمشق وسيطرت على تفكيرها حسابات الربح والخسارة والتخوف من إشعال فتيل صراع أوسع لا يبدو أن طهران ترغب فيه.
وجاء هجوم يوم الاثنين الذي أسفر عن مقتل قائدين وخمسة مستشارين عسكريين إيرانيين في مجمع السفارة الإيرانية بدمشق في الوقت الذي تسرّع فيه إسرائيل حملة طويلة الأمد على إيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها.
وتعهد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بالثأر. لكن تصريحات صادرة عن مسؤولين في منظمات موالية لطهران عمدت إلى التهوين من غياب الرد الإيراني واعتباره أمرا غير مطلوب، وأن إيران تدفع ضريبة وقوفها في صف “محور المقاومة” على جبهات غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا، وهذا يكفيها.
وقال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، الأربعاء إن هذه الجبهات “تقدم التضحيات”، وتتحمل أيضًا التهديدات والضغوط”، لكنها مع ذلك “تواصل العمل ولا تُخلي الساحة”، شاكرا إيران على دعمها لهذه الجبهات وهو ما يعرّضها للكثير من “التهديدات والضغوط، ونرى هذا في العلن وفي غير العلن.
الإيرانيون لا يريدون مواجهة؛ يحاولون تعديل أفعالهم وضبطها بطريقة تُظهرهم مستعدّين للردّ وليس للتصعيد ولدى طهران خيارات؛ إذ يمكنها إطلاق العنان للجماعات المتحالفة معها لشن عمليات على القوات الأميركية، أو استخدامها لشن ضربات على إسرائيل مباشرة، أو تكثيف برنامجها النووي الذي تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ فترة طويلة.
وقال مسؤولون أميركيون، إنهم يراقبون الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت الجماعات المتحالفة مع إيران ستهاجم القوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا، مثلما حدث في الماضي، ردا على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع الاثنين.
وتوقفت الهجمات الإيرانية في فبراير الماضي بعد أن ردت واشنطن على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن بعشرات الضربات الجوية التي طالت أهدافا في سوريا والعراق مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفصائل مدعومة منه.
وقال المسؤولون الأميركيون إنهم لم يحصلوا بعد على معلومات استخباراتية تشير إلى أن الجماعات المتحالفة مع إيران تتطلع إلى مهاجمة القوات الأميركية في أعقاب هجوم يوم الاثنين، الذي أسفر عن مقتل أعضاء في الحرس الثوري الإيراني من بينهم القائد الكبير محمد رضا زاهدي.
وحذرت الولايات المتحدة الثلاثاء طهران صراحة من مهاجمة قواتها. وقال روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة “لن نتردد في الدفاع عن قواتنا، ونكرر تحذيراتنا السابقة لإيران ووكلائها بعدم استغلال الوضع… لاستئناف هجماتهم على العسكريين الأميركيين.”
وقال مصدر يتابع القضية عن كثب إن “إيران تواجه من جديد إشكالية الرغبة في الرد لردع إسرائيل عن شن المزيد من تلك الهجمات بينما تريد أيضا تجنب حرب شاملة.”
وتابع قائلا “الإيرانيون يواجهون تلك المعضلة الحقيقية؛ فإذا ردوا قد تستتبع ذلك مواجهةٌ لا يريدونها بوضوح. هم يحاولون تعديل أفعالهم وضبطها بطريقة تظهرهم مستعدين للرد وليس للتصعيد.”
وأضاف “إذا لم يردوا في تلك الحالة فسيكون ذلك حقا دليلا على أن ردعهم نمر من ورق”، وقال إن إيران قد تهاجم سفارات لإسرائيل أو منشآت يهودية في الخارج.
وقال المسؤول الأميركي إنه بالنظر إلى حجم الضربة الإسرائيلية قد تضطر إيران إلى الرد بمهاجمة مصالح إسرائيلية أكثر من ميلها إلى النيل من قوات أميركية.
ويقول إليوت أبرامز خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية أميركية، إنه يعتقد أيضا أن إيران لا تريد حربا شاملة مع إسرائيل لكنها قد تستهدف مصالح إسرائيلية.
وأضاف أبرامز “أعتقد أن إيران لا تريد حربا كبيرة بين إسرائيل وحزب الله حاليا، وبالتالي أي رد لن يأتي في صورة تحرك كبير من جهة حزب الله”. وتعتبر الجماعة اللبنانية أقوى حليف عسكري لطهران في المنطقة. وتابع قائلا “لديهم العديد من السبل الأخرى للرد… على سبيل المثال من خلال محاولة تفجير سفارة إسرائيلية.”
كما يمكن أن ترد إيران بتسريع وتيرة تطوير برنامجها النووي الذي كثفت العمل عليه منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، وهو اتفاق يهدف إلى تقييد قدرات طهران النووية مقابل منافع اقتصادية.
لكن أقوى خطوتين، وهما زيادة نسبة النقاء التي تسمح بتخصيب اليورانيوم لترتفع إلى 90 في المئة (وهي نسبة صالحة لصنع قنابل نووية) وإحياء العمل على إنتاج سلاح نووي، قد تكون لهما تداعيات على طهران؛ إذ قد تستدعيان ضربات إسرائيلية أو أميركية.
وقال المصدر الذي يتابع القضية عن كثب “ستعتبر إسرائيل والولايات المتحدة الحلين بمثابة قرار للحصول على قنبلة… ستكون مخاطرة كبرى. هل هم مستعدون لها؟ لا أعتقد ذلك.”
ولا يتوقع جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (سي.أس.آي.أس) في واشنطن، ردا إيرانيا ضخما على الهجوم على سفارتها.
وقال “اهتمام إيران بتلقين درس لإسرائيل أقل من اهتمامها بإظهار عدم ضعفها أمام حلفائها في الشرق الأوسط.”
المصدر: مركز الروابط للدراسات