المناطقية: من أسوأ الأمراض الاجتماعية وأكثرها تخلفا، وتضخما للذات المريضة.
توصف المناطقية بأنها شكل من أشكال التعصب العنصري للمنطقة التي ينتمي لها الفرد بحيث يراها متفوقة عرقيا وتاريخيا وثقافياً على غيرها بوهم متضخم يغطي العقل ويسيطر على سلامة التفكير المنطقي الإيجابي.
توصف المناطقية بأنها شكل من أشكال التعصب العنصري للمنطقة التي ينتمي لها الفرد بحيث يراها متفوقة عرقيا وتاريخيا وثقافياً على غيرها بوهم متضخم يغطي العقل ويسيطر على سلامة التفكير المنطقي الإيجابي.
والمناطقية مورورث تاريخي لظروف غير طبيعية أوقفت عجلة التطور العقلي، فضلا عن سيادة عادات ومفاهيم هابطة.
وهي صورة للحالة القطرية السائدة كمنتج للأنظمة السايكس بيكوية في رعاية هذا المنتج وتغذيته لتجسيد حال التفرقة بين أبناء الأمة وتعميقها وتثبيتها، وكمنتج مماثل للأنظمة القطرية للتفرقة بين أبناء القطر الواحد ليتسنى لها السيطرة عليها فهو ذو وجهين داخلي وإقليمي.
والمناطقية هي حالة إلغاء للآخر وعدم اعتراف به، ونفور نفسي منه مهما بلغ من الثقافة والعلم والإبداع، ويشير السلوك المناطقي إلى تخلف ومرض نفسي.
ومما يشاكل المناطقية وينتهج نهجها، الطائفية والتعصب لطائفة بعينها إلا أن الطائفية قد تكون عابرة للحدود الجغرافية كما أنها تتسم بتنظيم باطني يوجه عملها. والطائفية تتغذى على المناطقية لتفرق بين مكونات المجتمع ليسهل عليها السيطرة على الجميع وإشهار مثالبهم والاختفاء تحتها.
وكشبيه للمناطقية والطائفية الأثنية وهو تعصب لجنس بعينه مع وجود كراهة للجنس الآخر يعمقها شعور مختل العاطفة أن هذا الجنس متفوق على غيره وأنه ضحية تاريخية لظلم حرمه من حقوقه في التميز، وهنا يبرز مشكل آخر داخل المكون الواحد، وهو القبلية العشائرية لاسيما حين تتخلى عن قيمها وأخلاقيتها فتغدو طعما سهلا للأنظمة الدكتاتورية فتستغلها أبشع استغلال.
وما لابد من ذكره هو صراع المدينة والريف وهو موروث تاريخي عمقه الظلم الذي وقع على الريف العربي بشكل عام والإهمال الطويل له وجعله فريسة للجوع والمرض والتخلف، وتعمل الأنظمة المعادية للحياة على تأجيج الصراع بين المدينة وريفها لتعمق الفرقة والهيمنة على الاثنين.
الأنظمة المعادية للحياة تعتاش على قمامة التخلف وكلما ازدادت كميتها ازدادت سيطرتها، وهي دائما في دأب متميز لمحاربة أي وعي اجتماعي سياسي يشخص أمراض المجتمع ويضع الحلول الناجعة للتخلص منها. وبالمقابل فإن قصور الوعي وعدم تكامله كوعي عام لدى الشعب يفاقم من الأمراض الاجتماعية السياسية ويعمقها.
وأي بناء جديد يجب أن يقوم على هدم المتهالك، وهذا البناء لا يقوى إلا بأساس متين، وقد ظهر أن الثورة السورية قد انطلقت بحس عفوي أصيل لكنها لم تضع الأساس لتبني عليه فخسرنا جيلا كاملا بسبب فقدان الأساس، وعلى الضد منها تبرز الثورة الأفغانية كثورة محافظة على مسيرتها الحيوية في ظل صعوبات معقدة وشائكة تلك الثورة التي حرصت على بناء الأساس على أنقاض إخفاقات بدأت بانقلاب 22 تموز 1975م الذي قاده الأخوان المسلمون وتصدره حكمتيار وبرهان الدين رباني ، وأحمد شاه مسعود ، فأظهرت جيلا ثانيا في عام 1994م، وبعد سقوط أمريكا في أفغانستان عام 2001م تراجعت إلى المقاومة، فكان أهم ما أنجزته هو الحفاظ على الأساس وبه حافظت على الجيل الثاني، وقد تسلم كثير منه الراية في الثورة ولو أنها أضاعت الجيل الثاني لفقدت وجودها.
وأسوأ أنواع المناطقية ما يظهر في التشرد والشتات في ظل غياب الدولة والقانون فيكون المناطقي بين اثنين إما عميلا لجهاز أمني يقصد أهدافا مفضوحة، أو متخلفا حاقدا يمارس عقداً نفسية يحاول من خلالها لفت الأنظار إليه.
إن من يمارسون المناطقية العنصرية هم أسوأ أنواع البشر وهم نتاج ثقافة مريضة وإن حملوا شهادات عليا، وهم أبناء الجب الذي يشارك في نشاطهم النطيحة والمتردية وما عاف السبع ولا يمثلون أي مدينة وإنما يمثلون قاعها الآسن ويفتحون المجاري لكل تافه ومتخلف ومشبوه ومتطفل.
إننا نحن السوريين نعاني من هؤلاء المتخلفين وخاصة في دول الشتات، وهم يرفعون عنوانات باهتة خادعة وهم ليسوا سوى رابطة أبناء الجب، تعبيرا عن تخلفهم وحقدهم وشبهاتهم، وهدفهم الإساءة إلى وحدة الشعب السوري وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.