صناعة التاريخ " الداخلي والخارجي والإنساني".
هناك شعوب تصنع التاريخ وتبقى محوره لقرون، وهناك شعوب لا تدخل في حركة التاريخ وإنما تعيش على هامشه، وشعوب تسرق التاريخ وتلطخه بالجريمة.
هناك شعوب تصنع التاريخ وتبقى محوره لقرون، وهناك شعوب لا تدخل في حركة التاريخ وإنما تعيش على هامشه، وشعوب تسرق التاريخ وتلطخه بالجريمة.
ولنتفق أولا بأن التاريخ تاريخان، واحد داخلي، وآخر خارجي أو إنساني، وربما يكون الداخلي بناءً والثاني سيئاً هادماً، أو يكونان بنائين، ونادراً ما يكون الداخلي سيئا والخارجي جيداً.
وسلوك التاريخ كسلوك الفرد أو الجماعة المحددة، أو كسلوك شعب وأمة، وعليه تكون الثقافة وكذلك الوعي، والنفسية، والتركيبة الاجتماعية والروحية عوامل في سلوك التاريخ الذي يصنعونه، وأقصد بالتاريخ الحوادث المؤثرة المغيرة وأثر الإنسان فيها.
فالتاريخ الذي يستحق صفة تاريخ هو الإنساني البناء، أما الكوارث التي حلت بالشعوب فهي وثائق إدانة ودروس عبرة.
وعادة تكون المجتمعات المقننة بالعدالة والمساواة والمتمتعة بالحرية واحترام الآخر هي الصانعة للتاريخ وهي المحرك في دفعه للأمام، بينما تعمل المجتمعات الفوضوية الاستبدادية الغبية على تعطيل التاريخ وإيقاف حركته الإنسانية.
وهذه المجتمعات تكون عدواً لكل شيء حتى نفسها، والسبب هو داء الغباء، وهو من أخطر الأمراض الفتاكة، فهو عمى دماغي يُظهر الإنسان طبيعياً لكنه في الواقع يحجب عنه الحقيقة فلا يستطيع رؤيتها، والغبي فيه داء الكلب، فتراه يقوم بدور الكلب في حماية سيده، وفيه جينات العبيد لأنه بلا كرامة، وهو مصاب بداء شرب الدماء إذا ما أحس بالخطر الذي يشير إليه سيده.
وليس سهلاً التخلص من داء الغباء لأنه مرتبط عضوياً بداء الكذب والتوهم المتضخم الذي يمنع صاحبه من رؤية حقيقته هو نفسه.
وعليه فلابد من برنامج وقائي شامل للتخلص من هذه الأمراض، ثم في زيادة المناعة، ومنع انتشار الجهل بنشر التثقيف الصحي السليم، والعمل على بناء جيل بعيد عن الذاتية والانتهازية ومرض التسلط واضطهاد الآخر.
وقد يؤمن إيماناً مطلقاً بحق الوطن والمواطنة، وإقامة المشروع الحضاري النهضوي لبناء الوطن، وأنه لا ميزات خاصة لأحد خارج القانون.
إن نظرة المساواة يجب أن تكون ثقافة الجميع، وأن الوطن بيت الجميع، وأسرته والجميع يبنيه ويحميه ويفديه بالغالي والنفيس.
إن التاريخ سيبصق في وجوه من عطلوه وخدعوا الناس ومنعوهم من تصحيح حركته.
أ.د. عبد الحق الهواس