الشاعر محمد الفلاحة يكتب لأرضه وبحيرته وجيرانه
يصف الشاعر السوري "محمد الفلاحة" من الإغتراب، في قصيدته الذي أهداها إلى الأرض والجيران، حنينه واشتياقه إلى العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المنطقة من الكرم والأخلاق، كما وصف "الفلاحة" البحيرة التي تقع في بلده بأجمل بحيرة تحمل في طياته ذكرياته .
عبدالله الحريب
حَمْدًا لمن جبَلَ الجبُّولَ إِحسانا
وشقَّ في أرضِها نَهرًا و بُستانا
ثمَّ الصلاةُ على المُختارِ من مُضَرَ
ما ابيضَّ ملحٌ بها أو صارَ مَرجانا
كتبتُ حسنكِ والأقلامُ في نجدٍ
وفيكِ قلبي من الجُثمانِ قد بانا
أكرم بتلٍّ رفيعِ القدرِ محتَرَمِ
يُظِلُّ في سَفحهِ شاةً ورِعيانا
ومَخْفرٌ بجوارِ التلِّ متكئٌ
بناهُ في أرضِنا أبناءُ عُثمانا
حكى الجدود لنا عن قَدرِ هيبته
بين الضِّلوع إذا ما قِيل ( فَرْمَانا )
وبَحرةٌ في حِمى الجبُّولِ تُبهرُنا
حَوَتْ من الطيرِ أشكالًا وألوانا
تأتي المياهُ لها من كلِّ ساقيةٍ
وفي القديمِ سقاها نهرُ بُطنانا
كأنَّ أحواضَها حسناءُ قد لَبِست
من الثيابِ بياضَ الملحِ فستانا
من خَيرِها وقِراها الناسُ قد ملأت
كيسًا وكيلًا وقَبَّانًا ومِيزانا
ودَكَّةٌ غربَ دارِ اللِّبنِ منها تَرى
في فُسحَةِ الدارِ زيتونًا ورمَّانا
ديكٌ يصيحُ وأغنامٌ مُهَرولةٌ
وموقدٌ قد حوى في الصُّبحِ ( شيدانا)
وطاسةُ الماءِ في الشُّباكِ قابعةٌ
تَروي برودتُها في الحرِّ ظمآنا
ومِخْرَزُ الغزلِ فوقَ اللِّيف منعقدٌ
وكَيلةٌ قد حَوت فلًّا ورَيْحانا
ودلَّةُ القهوةِ الصفراءُ قد حَمَلت
في رأسِ قُبَّتِها كالتَّاجِ فِنْجانا
قِدرُ السَّليقةِ لا ننسى مساكِبَه
ندسُّ من تحتِه في النَّار أغصانا
ياحبَّذا مسجدٌ قد كانَ يطْلُبُنا
إذا المؤذِّنُ بالتكبيرِ نادانا
وحبَّذا مجلسٌ في العيدِ يجمعنا
وحبَّذا مرتعٌ نأتيه صبيانا
يا طائرَ اليقنيسِ الحُرَّ إن ترِدِ
ماءً بناحيةِ الجبولِ ظمآنا
بلِّغ سلاما وأشواقًا يرددها
آلُ الفِلاحةِ إن شيبًا و شبَّانا
من آلِ حجِّ حسينٍ أينما كانوا
كذا مِنَ آلِ عليٍّ آلِ عُثمانا
إلى الأقاربِ والجيران قاطِبةً
و ساكنٍ في ثَرى الجبول من كانا
بلِّغ حُبَيْتِرَ موَّاسًا وفَرحاتا
آلَ الرُّحَيِّمِ حسونًا ونبهانا
وآلَ جاعدَ عِبْلِيشًا وصُبحيَّا
بيتَ السَّعيدِ وشيميًّا وعِمرانا
وأرْضَرُومْلِي ونَوَّاريَّ والعُمَرا
وآلَ سالمَ خيرَ الَّلهِ خِشمانا
آلَ المُجَاوِرِ مفتاحًا وقُطريَّه
وعارفَ البركاتِ الشيخَ أصلانا
وبيتَ فاضلَ والشعبانَ مرعيًا
لازًا مجيدًا حسيبًا ثم شَرهانا
حج الحميدي بيت الشيخ والأحمر
وكورَ حجي شِلاشات وعَلوانا
بيتَ البلالِ و عِزَّاتًا و مَصْريّا
بيتَ المُحَمَّدِ سيسيًّا وبُوزانا
بيت الجَواسمِ كوشكارًا وحبَّالا
آلَ العُزَيِّزِ آغًا ثم دفَّانا
آلَ العُبَيْدِينَ زينو أحمدًا وكذا
بيتَ الحِمِدَّةِ وقاصًا سليمانا
شقرانًا اسْطَةَ و القِرقامَ والحَوَلَ
و يَرْمَ آغا و صَطُّوفًا وغَثْوانا
بيت الصُفوق بُرَيْكًا شامةً طنشًا
كذا الغزالةَ لوَّاجًا وشنوانا
زوينَ طالبًا إبراهيمَ يعقوب
بيتَ الحراميِّ حَمْدُوشًا وغِريانا
يا آل حجِ حسينٍ حِزتُمُ شَرفا
و كنتُمُ من صُروحِ العزِّ بنيانا
الحِلمُ والعِلمُ كانا في سَجِيَّتكم
والصِّدقُ والفَصلُ في أقوالِكُم كانا
تعطون خصمَكمُ بذلًا إذا بخلا
أو جارَ أو ظلما عفوًا وإحسانا
من لي بجَدٍّ فيأتيني بمثلِكُمُ
من البريَّة آباءً وخِلَّانا
وآلُ مواسٍ اهلُ البذلِ والكرمِ
ما ردَّ بابُهُمُ في الدَّهرِ إنسانا
الهيلُ والبنُّ لمْ يهجُر دِلالَهُمُ
إلا ليسقِيَ زُوَّارًا وضِيفانا
يا آلَ عيسى لكم في القلب منزلةٌ
فيها محبَّتُكُم يا خيرَ جيرانا
من الزَّريفِ عَجيلٍ آلِ شلَّالٍ
وآلِ سيِّدَ مِسطاوِي و غَضْبانا
وتلَّ سبعينَ لم تَخمُد جِمَارُهُمُ
إن كانوا في وَطَنٍ أو كانُوا أظعانا
من الجُنيدِ كذا من صالحٍ سفرٍ
من حجِّ موسى كذا من آلِ بَطْرانا
من الحميدِ كذا من آل حمادي
من الرَّشيدِ كذا من آل فَرْحانا
تلك العوائلُ حبلُ الدِّين يجمعها
عُرْبًا وَتُرْكًا وَأكْرادًا ورُومانا
آتاهُمُ الله في دنياهُمُ رَشَدًا
وفي القيامةِ جناتٍ ورِضوانا
#محمد_الفلاحة
